أعلن الكاتب والمفكرعلاء الأسواني، عن صدور روايته الجديدة "جمهورية كأن"، والتي بدأ في كتابتها منذ 3 سنوات. و لم يصرح بدار النشر التي ستتولى إنتاج العمل وطباعته.
ويقول الأسواني "لا أستطيع الكتابة في الرواية إلا لخمسة أو ستة ساعات يوميًا. وأكتب فقط في الساعات الاولى من الصباح، ولا أستطيع الكتابة في وقت متأخر. أستيقظ في السادسة صباحًا وأجلس على مكتبي وأكتب، وبعد ذلك، أبدأ في دوري كطبيب أسنان. لدي عيادتي في نفس المنزل، فأنزل لأتابع مرضاي. يستفيد الكاتب جدًا من التواصل مع الناس يوميًا".
ويضيف الأسواني "الكتابة هي نوع من الدفاع الفني عن القيم الإنسانية، أنت تكتب لتدافع عن الحرية، وحقوق الإنسان. جزء من واجبك أن تكون في خضم النضال من اجل الديمقراطية، كما أؤمن بأن الكتابة نفسها التزام. أكتب لأنني أعترض. أكتب لأنني غاضب. أكتب لأن المسافة بين ما يحدث وما يجب أن يحدث كبيرة جدًا. أكتب للدفاع عن الحرية والديمقراطية وكرامة العاجزين".
وتدور فكرة الرواية حول أنه في الديكتاتوريات، تكون الحقيقة الوحيدة هي الديكتاتور. وكل شئ يبدو كالحقيقي لكنه مزيف.
يذكر أن آخر روايات الأسواني هي "نادي السيارات" التي صدرت في 2012، ونالت شهرة نقدية كبيرة، لكنها لم تكن كشهرة روايتيه "عمارة يعقوبيان"، و"شيكاغو".
"جمهورية كأن" كان عنوانا لأحد المقالات التي نشرها الأسواني على صفحات "المصري اليوم" يوم 10 مارس سنة 2014، قبل أن يقرر الامتناع عن الكتابة فيها.
وفيما يلى محتوى المقال المذكور
وفيما يلى محتوى المقال المذكور
يقف رئيس الجمهورية في أوج أناقته داخل قاعة فسيحة وقد بدا على وجهه تعبير رسمي متجهم وكأنه يعيش لحظة تاريخية فعلا ويقف أمامه وزير الداخلية كما يقف الجندى أمام القائد .
عشرات الكاميرات تصور وزير الداخلية وهو يقرأ النتائج الرسمية للاستفتاء ، يبدأ بعدد الناخبين المسجلين ثم عدد المشاركين والذين قالوا نعم والذين قالوا لا وأخيرا يهنىء وزير الداخلية الرئيس بفوزه في الاستفتاء بنسبة تزيد عن 90 في المائة ..
هذا المشهد كان مقررا علينا نحن المصريين فلم نعرف سواه على مدى عقود باستثناء عام 2005 عندما قام حسني مبارك بتعديل عنوان المهزلة من استفتاء الى انتخابات رئاسية.
طالما تساءلت : لماذا لا يوفر مبارك ملايين الجنيهات التى ينفقها من ميزانية الدولة في تلك الاستفتاءات ويعلن للشعب أنه باق في السلطة بالقوة لأن أحدا لايستطيع اجباره على تركها؟!
الديكتاتور يحتاج الى مسرحية يلعب فيها دور البطولة وحوله مجموعة كومبارس .. يحتاج الديكتاتور الى قانون انتخابات وتعديلات دستورية ومراقبين واعلاميين ولجنة عليا للانتخابات.
الهدف تحسين شكل الاستبداد في الداخل والخارج .. هذا التدليس الذى يبدأ من رئيس الجمهورية سرعان ما ينتقل كجرثومة المرض الى مؤسسات الدولة ثم الى المجتمع كله ...
بعد سنوات من الاستبداد يعيش المجتمع في " حالة كأن " فيبدو كل شيء وكأنه حقيقي بينما هو مزيف .
نرى الرئيس يشكر الناخبين فيبدو وكأنه رئيس منتخب بينما هو ديكتاتور مزور .
نرى مناقشات حامية في مجلس الشعب فيبدو المتكلمون وكأنهم ممثلون حقيقيون لارادة الشعب بينما هم منافقون مزورون لا ينطقون بكلمة الا بموافقة الرئيس وأجهزة الأمن .
نرى اعلاميين وقورين في التليفزيون يبدون محايدين بينما هم ينفذون تعليمات ضابط أمن الدولة الذى يتولى تشغيلهم .
مع انتشار " حالة كأن " تنشأ اللغة الرسمية للنظام التى هي مجموعة أكاذيب مغلفة بلهجة وقورة ، لغة تعلم الشعب الا يصدقها لأنها تعنى بالضبط عكس ما تقول .
اذا أكدت الحكومة أنها لن ترفع أسعار البنزين أدرك الناس أن البنزين الرخيص سيختفى حتى يضطروا الى شراء النوع الغالي .
اذا أكدت وزارة الصحة انه لا وجود لأمراض الصيف أيقن الناس أن الكوليرا منتشرة .
واذا أكدت الداخلية ان مواطنا انتحر أثناء التحقيق معه تأكد للجميع انه مات من التعذيب..
بعد ذلك تنتقل عدوى " حالة كأن " من النظام الى المجتمع . . ينفصل الشكل عن المضمون وينفصل الدين عن السلوك ويهتم الناس بصورتهم أمام الآخرين أكثر من اهتمامهم بمطابقة تصرفاتهم للمعايير الأخلاقية .
" حالة كأن " جعلت المصريين ــ طبقا للاحصائيات ــ من أكثر الشعوب حرصا على أداء شعائر الدين ومن أكثرها أيضا ممارسة للفساد والرشوة والتحرش الجنسي .
النظام السياسي يشكل العامود الفقري للمجتمع ، بمقدوره دائما أن يخرج من المواطنين أفضل أو أسوا ما فيهم .
اذا كان الحـُـكم عادلا ورشيدا فان احساس المواطنين بالعدالة يخلق لديهم حافزا للعمل ولا يكونون مضطرين الى النفاق لأنهم يعلمون ان شرط الترقي هو الكفاءة وليس الولاء للنظام .
اذا كان نظام الحكم ظالما وفاسدا فان المواطنين يتملكهم الاحباط ويفقدون ايمانهم بالعدالة وتنتشر بينهم الانانية والسلبية والنفاق والانتهازية لان هذه المهارات المنحرفة هي التى تكفل لهم التقدم .
في "جمهورية كأن " تنشأ بين الشعب والنظام علاقات تبدو كأنها حقيقية لكنها مزيفة.
الدولة تدفع مبلغا ضئيلا للمدرس كأنه مرتب فيتظاهر بقبوله ثم يتظاهر بالعمل بينما هو يذهب للمدرسة من أجل التعاقد على الدروس الخصوصية .
تدفع الدولة جنيهات قليلة للطبيب وكأنها مرتب فيتظاهر بقبولها لكنه يذهب الى المستشفى الحكومي ليوقع بالحضور ثم يزوغ ليعمل في مستشفيات خاصة تعطيه مرتبات حقيقية فيعمل فيها بجد .
المحافظ يتفقد سير العمل في الهيئات عن طريق زيارات مفاجئة يعلم بها الموظفون سلفا ، حينئذ يبدو المحافظ وكأنه نشيط ويبدو العاملون وكأنهم في منتهى الكفاءة .
ان الاستبداد يؤدي دائما الى تدمير طاقة المجتمع فتصاب قدراته بالشلل وتندر القيم الايجابية مثل الصراحة والشجاعة والأمانة وتنتشر بدلا منها الفهلوة والنفاق والانتهازية .
هكذا عاشت مصر تحت حكم مبارك فانتهت الى الحضيض في كل المجالات ثم ثار المصريون وأطاحوا بالطاغية وبدا أنهم قد شفوا من حالة كأن ،
المصري الذى يهتم للغاية بنظافة شقته لكنه في نفس الوقت يلقى بالقاذورات في منور البيت وعلى السلم لأنه لا يشعر باى انتماء خارج شقته ، هذا المواطن السلبي المنكفيء على ذاته وأسرته رأيناه بعد الثورة ينزل مع أبنائه ليكنسوا الشوارع ويزينوها .
المصري الذى كان لا يذهب أبدا للادلاء بصوته ويعتبر يوم الاستفتاء أجازة يقضيها مع العيال رأيناه بعد الثورة يقف في الطابور أمام اللجان ساعات طويلة ليدلي بصوته.
المصري الذى كان يخاف من دخول قسم الشرطة أصبح يتظاهر ويواجه طلقات الرصاص بصدره بغير أن يخاف .
ان الاحساس بالانتماء والثقة بالنفس الذى فقده المصريون تحت حكم مبارك قد استعادوه بالكامل بفضل الثورة .
المجلس العسكري السابق تحالف مع الاخوان من أجل الاكتفاء بتعديل الدستور القديم بدلا من كتابة دستور جديد حتى يحافظوا على نظام مبارك .
أعضاء المجلس العسكري أصابهم القلق من مدى التغيير وعواقبه والاخوان خانوا الثورة وتخلوا عن أهدافها من أجل تمكين الجماعة من مصر .
المجلس العسكري السابق مسئول عن تدهور أحوال المصريين والانفلات الأمنى المتعمد ومذابح عديدة راح ضحيتها مئات المتظاهرين ولم يحاسب أحد عليها حتى اليوم .
كان حكم الاخوان الوجه الآخر لنظام مبارك . حاول الاخوان استعادة "جمهورية كأن" لأنهم أصلا منفصلون عن الواقع عاجزون عن رؤية الحقيقة يعيشون في عالم افتراضى ويعتبرون أنفسهم المدافعين الوحيدين عن الدين مما يمكنهم من ارتكاب أبشع الجرائم وهم يظنون أنهم ينصرون الاسلام ..
في 30 يونيو نزل ملايين المصريين للتخلص من رئيس كذاب وفاشل ومستبد ألغى الديمقراطية ووضع قراراته فوق القانون .هنا لاحت فرصة عظمى لتأسيس ديمقراطية حقيقية ..
المصريون بكل أطيافهم اشتركوا في خلع الاخوان وشكلوا جبهة 30 يونيو التى ضمت كل أطياف المجتمع بلا استثناء ..
ثم انحاز الجيش لمطالب الشعب وتم وضع خارطة طريق تحمس لها الجميع ثم تم اختيار أعضاء لجنة الخمسين التي بذل أعضاؤها مجهودا مضنيا لكتابة دستور ديمقراطي يؤسس لدولة القانون ووافق عليه المصريون بأغلبية كبيرة.
على أننا نكتشف الآن أن السلطة الحالية لازالت تعيش في جمهورية كأن و لازالت تعتبر سياسات مبارك هي الأفضل في حكم مصر ..
ربما يكون هناك في السلطة من يريد اقامة ديمقراطية حقيقية الا انه من المؤكد ان عناصر لها ثقلها في السلطة الحالية تعادى الثورة حفاظا على مصالحها ولديها شهوة ملحة للانتقام من الثوريين وهي تعمل وفقا لمخطط لاستعادة نظام مبارك بالكامل .
الدولة المصرية تخوض حربا ضد الارهاب وواجبنا جميعا أن ندعمها لكن ثمة عناصر في السلطة حربها الأساسية ضد الثورة .
وهي تستعمل الحرب ضد الارهاب كذريعة للقضاء على الثورة والانتقام من الثوريين الذين أسقطوا كبيرهم مبارك وألقوا به في السجن .
ماعلاقة الحرب ضد الارهاب بتعقب الثوريين وحبسهم سنوات بتهم ملفقة ؟!
ماعلاقة الحرب على الارهاب بتشويه سمعة الثوريين وانتهاك أعراضهم في التليفزيون ؟!
لماذا لا يتحرك النائب العام ضد الشتامين المأجورين الذين ينتهكون أعراض الثوريين في الفضائيات التى يملك معظمها فلول نظام مبارك ؟!
لمصلحة من يتم القاء خيرة شباب الثورة سنوات في السجن لأنهم تظاهروا سلميا ؟!
ماقيمة الدستور الذى أنفقت مصر ملايين الجنيهات للاستفتاء عليه اذا كان من يحكم مصر الآن يعتبر الدستور مجرد زينة وينتهكه كل يوم ؟!
ان قانون الانتخابات الذى صدر منذ أيام انتهك الدستور في أكثر من موقع وتم تفصيله لصالح مرشح بعينه وهوأكبر دليل على أن هناك قوى حاكمة تريد أن تعيد المصريين الى عهد مبارك.
عن أى ديمقراطية يتحدثون بينما رئيس الجمهورية المؤقت قد تجاهل رأى مجلس الدولة صاحب الاختصاص وقام بتحصين اللجنة العليا للانتخابات .
ألم يؤدي تحصين اللجنة العليا السابقة الى اعلان فوز مرسي بالرئاسة قبل التحقيق في الطعون المقدمة ضده ..؟ ألم تدفن تلك اللجنة الطعون التى قدمها حمدين ضد شفيق في المرحلة الأولى ؟!
من الذى سيطبق شروط قانون الانتخابات على المشير السيسي ؟!
ماهي الجهة التى بمقدورها ان تكشف عن مصادر تمويل حملة المشير السيسي وتراقب التزامه بالحد الأقصى للانفاق ؟!
كيف نتحدث عن تكافؤ الفرص بينما قنوات الاعلام الرسمية والخاصة لاهم لها الا كيل المديح للسيسي ليل نهار وشوارع القاهرة ممتلئة بملصقات الدعاية له ؟!
من يجرؤ على نزع صور المشير السيسي من الشوارع ومن يجرؤ على سؤاله عن ميزانية حملته ومن يمولها ؟!
ما الفرق بين ترزية القانون الذين فصلوا قانون الانتخابات الأخير وهؤلاء الذين صاغوا التعديلات الدستورية تمهيدا لتوريث جمال مبارك .
المشير السيسي قام بدور بطولي لحماية المصريين من الارهاب ومن حقه أن يترشح للرئاسة طبقا للقانون لكن ما يحدث الآن يعيد مصر الى المربع الأول وكأن ثورة لم تقم..
انها محاولة أخرى لصناعة شكل ديمقراطي زائف بينما المضمون استبدادي ومتفق عليه .
يريدون استعادة " جمهورية كأن " لكنهم لن ينجحوا لأن اعادة المصريين الى حظيرة الخوف مستحيل .
ملايين المصريين الذين واجهوا الرصاص والخرطوش والمدرعات وحملوا على أكتافهم الشهداء والمصابين لن يفرطوا في حلمهم بالحرية .
من وضع قانون الانتخابات لازال يعيش في عصر مبارك...فليعلم ان معادلة مبارك لم تعد قابلة للتطبيق في بلادنا .
أعداء الثورة في السلطة يعتقدون أنهم سيفعلون بالمصريين ما يريدون وستتولى أجهزة الأمن تأديب من يعترض ..
لقد عملوا جاهدين لتشويه الثورة عن طريق عملاء الأمن في الاعلام وألقوا رموز الثورة في السجن ثم اعتقدوا انهم قضوا على الثورة ويريدون الان استعادة النظام القديم بالكامل .
حساباتهم خائبة وغبية لأن علاء عبد الفتاح واحمد دومة وعمر حاذق ورفاقهم شاركوا في الثورة لكنهم ليسوا أصحابها .
صاحب الثورة هو الشعب المصري وحده وهو لن يهدأ حتى يحقق أهداف الثورة بالكامل .
هاهي موجة الاضرابات تعم مصر كلها . هؤلاء المضربون هم صناع الثورة الحقيقيون وهم يطالبون الآن بحقوقهم التى ثاروا من اجلها .
الثورة مستمرة ومنتصرة لأنها تنتمى الى المستقبل وأعداؤها يعيشون في الماضى ..
من يستطيع أن يوقف المستقبل ؟!
الديمقراطية هي الحل
العنوان الإليكتروني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق